فى اللحظة التى وقع فيها الهجوم على أتوبيس السياح فى طابا، أمس الأول، كنت فى مدينة الرياض، أتابع أعمال مهرجان الجنادرية السنوى الذى يبحث فى كل عام فى أمور التراث وفى مسائل الثقافة.
ولأن الأحداث حولنا هذه الأيام تظل من نوعية ما جرى لسياح طابا، فإن المهرجان الذى بدأ دوراته منذ 29 عاماً، لم يستطع أن ينفصل عما حوله، ولذلك أفرد القائمون عليه مساحة كبيرة من النقاش والجدل، حول الإسلام السياسى، ومفهوم المواطنة فى هذا العصر.
ولم أستطع أن أفصل بين حادث طابا، وبين ما قاله باحث قطرى فى إحدى ندوات المهرجان، حيث أشار، وهو يتكلم عن الإسلام السياسى، إلى أن الأمير نايف بن عبدالعزيز، يرحمه الله، كان أول من نبه فى الخليج كله إلى خطر الإخوان، وكيف أنهم أصل البلاء فى عالمنا، ثم كيف أن المملكة هى التى كانت قد آوتهم، ومنحتهم الإقامة، والعون، والمساعدة أيام عبدالناصر، فإذا بهم أول من ينقلب على البلد هناك، وإذا بهم أول من يتآمر على الدولة السعودية!
وأظن أنه فى هذا الإطار، لم يكن هناك مفر من قرار الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذى صدر أوائل فبراير، ويبدأ تطبيقه 9 مارس، وهو قرار يعاقب كل من يدعم الإرهاب، أو الجماعات المصنفة منظمات إرهابية، أو حتى يتعاطف معها بالسجن من 3 إلى 20 سنة، ويرتفع الحد الأقصى للعقوبة إلى 30 سنة، إذا كان المتهم عسكرياً.
قرارات، وإجراءات، وخطوات من هذا النوع مطلوبة الآن، وبقوة، لا لشىء إلا لأنك أمام «جماعة» تخصصت فيما يبدو منذ نشأتها عام 1928 فى هدم الدول وتقويض أركانها، لا فى بنائها.. وإلا.. فماذا تسمى ما جرى فى طابا لسياح أبرياء، لا علاقة لهم بشىء إلا أنهم جاءوا لزيارة بلد، يريد الإخوان أن يحولوه إلى خرابة، وهو ما لن يكون بإذن الله، ثم بفضل إرادة هذا الشعب، وتصميمه، وعزمه على أن يسترد بلده من بين أيدى الذين أرادوا ابتلاعه على مدى عام أسود لهم فى الحكم!
لقد تبين لهم بعد تجربة العام أنه كبلد أكبر من قدرتهم على الهضم وعلى الاستيعاب، وعلى الاحتواء، فلجأوا بعد أن أزاحهم المصريون إلى غير رجعة فى ثورة 30 يونيو لأعمال صبيانية، وغير مسؤولة، يمارسونها فى حق الشعب، منذ الثورة وعلى مدى سبعة أشهر!
ولو أن أحداً قال إن الإخوان لا علاقة لهم بكثير مما يجرى، خصوصاً فى سيناء، ثم بشكل أخص حادث السياح، فسوف أحيله على الفور إلى ما كان قد قاله أحدهم، وهو البلتاجى فى هذا الشأن مباشرة، فهو كلام مسجل ومذاع، ويدين «الجماعة» فى كل عمل إرهابى يقع فى سيناء، حتى ولو لم تكن هى التى ارتكبته!
ثم.. أليس غريباً أن يقع أول حادث استهداف للسياح منذ عزل «مرسى» فى نفس يوم بدء محاكمته بتهمة التخابر؟!.. هل أرادوا به التشويش على هذه التهمة العظيمة التى تطوق رقبته، ورقبة آخرين فى جماعته؟!.. وهل يظنون بما فعلوه فى القفص، أمس، أو بما أوعزوا به فى سيناء فى مساء اليوم نفسه ضد السياح، أن هذا يمكن أن ينفى التهمة الشنيعة، أو يوقف المحاكمة أو يمنع المصريين من أن يعرفوا ماذا فعل مرسى بالضبط ضد بلده، وهو فى الحكم؟.. لن يحدث.