قال لى الناشط السياسى الشاب: لقد قاطعت التصويت على الدستور لأنى أرفض المحاكمات العسكرية للمدنيين التى وافقتم عليها فى لجنة الـ50، قلت: لقد صوت بعض أعضاء اللجنة ضدها، لكن رأى الأغلبية كان مع المادة لعدة أسباب، أولها أن المبدأ الأساسى فى هذه المادة يحظر المحاكمات العسكرية للمدنيين، لكنه يحدد الاستثناء بشكل قاطع ومحدد وهو حالة الاعتداء المباشر على المنشآت العسكرية، ولا يخفى عليك أنه كان من الصعوبة على اللجنة أن تتجاهل عند بحثها هذه المادة ما يحدث من اعتداءات إرهابية على منشآت وأفراد القوات المسلحة فى سيناء.
قال الشاب: لكنى لست إرهابياً، ولا أريد أن أحاكَم عسكرياً، قلت: هل تنوى أن تحمل القنابل وتذهب لتفجير المنشآت العسكرية؟ قال: طبعاً لا، قلت: إذن فالدستور يحظر محاكمتك عسكرياً، قال: وماذا عن المنشآت التجارية للقوات المسلحة التى نتعامل معها جميعاً وقد يحدث بها أى شجار يؤدى إلى المحاكمة العسكرية؟ قلت: محطات البنزين التابعة للقوات المسلحة ليست منشأة عسكرية ولا النوادى ولا المصانع، والمادة الدستورية تتحدث بشكل واضح وعلى سبيل الحصر عن المنشآت العسكرية وما فى حكمها، مثل مناطق التدريب التى تكون خاضعة للجيش لكنها ليست منشأة عسكرية.
قال الشاب: وماذا عن أى شجار ينشأ مع أحد العسكريين فى إشارة مرور مثلاً؟ ألا يعتبر هذا اعتداء على أفراد القوات المسلحة تسمح المادة الدستورية بإحالته للقضاء العسكرى؟ قلت: هذا ما كان فى دستور 2012 أما فى الدستور الجديد فالمادة تتحدث عن الاعتداء على أفراد القوات المسلحة «بسبب» أدائهم لوظيفتهم، أى أن يكون الاعتداء مثلاً على جنود «لأنهم» يحرسون مبنى الحرس الجمهورى وليس أثناء إشارة مرور، فهل تنوى أن تفعل ذلك؟ قال: طبعاً لا، قلت: إذن أنت لا ينطبق عليك الاستثناء الوارد بالمادة الدستورية، فلماذا قاطعت الدستور؟ هل أنت متضامن مع الاعتداءات الإرهابية التى نشهدها الآن ضد المنشآت العسكرية؟ أو مع من يعتدون على أفراد القوات المسلحة أو المجندين أثناء تناولهم الإفطار مثلاً لا لسبب إلا أنهم يؤدون وظيفتهم الوطنية؟
ثم إن هذه المادة قابلة مثل غيرها من المواد لأن تتغير حين يزول خطر الإرهاب الذى تواجهه البلاد الآن، ومن حسن حظك أن الجماهير العريضة كانت أكثر إيجابية منك وأقرت لك الدستور الذى يمنح الشباب من الحقوق ما لم يمنحه أى دستور سابق.