لن تنتهي حالة الانفلات الأمني التي عانينا منها في الأشهر الأخيرة, بمجرد التصريحات أو التهديدات
أو حتي الحملات الأمنية المتفرقة, وإنما يمكن أن يتم القضاء عليها ولو تدريجيا بخطة عملية محكمة قابلة للتنفيذ آخذة كل الاعتبارات في الحسبان, قائمة علي دراسة متأنية وليس أمزجة شخصية. مثل هذه الخطة يتعين أن تقوم علي مبدأين أساسيين: الأول أن يتم تنفيذ أحكام القانون بكل حزم ضد المخالفين أيا كانوا وأينما وجدوا دون اعتبار لأي شيء آخر مثل شماعة تقدير الحالة الأمنية التي كانت سببا في التغاضي عن انتهاك القانون ثم إضفاء الشرعية علي المخالفات فيما بعد. فالقانون هو القانون ولابد من تنفيذه بلا هوادة ضد من يخالفه.
أما المبدأ الثاني فهو أن يكون تنفيذ القانون قائما بصفة دائمة في أي وقت وأي مكان وضد أي مخالف وليس مجرد حملات أمنية متفرقة بمجرد أن تنتهي تعود المخالفات إلي حالتها الأولي وربما أسوأ مما كانت, فهذه الحملات الأمنية غير المتواصلة ترسخ الاعتقاد لدي مخالفي القانون بأنها هوجة وسوف تزول وأن بإمكانهم الاستمرار في المخالفات وربما التوسع فيها إذا صمدوا حتي تمر تلك الهوجة وتعود قوات الأمن إلي ثكناتها.
لقد أصبحت حالة الانفلات الأمني ومخالفة القانون لا تحتمل, فمن قطع طرق وتعطيل وسائل المواصلات مرورا باعتراض أشخاص ونهب كل ما معهم إلي الاستيلاء علي حرم الشارع والأرصفة وزرعها بالملابس وكل ما يمكن تخيله من بضائع وركن السيارات في عرض الشارع والتسبب في أزمات مرورية متوالية من شأنها أن يفقد مصاب أو مريض حياته قبل الوصول إلي المستشفي أو يتأخر مسافر عن طائرته أو موعد عمله أو مقابلة مهمة قد يكون نتيجته الفصل من العمل أو ضياع صفقة تجارية. هذا فضلا عن اقتحام البيوت والمحال التجارية ونهبها وربما قتل أصحابها وسرقة السيارات وتقطيعها واقتحام أقسام الشرطة والمحاكم والمستشفيات وإشعال النيران فيها لمجرد التأخر قليلا عن اسعاف مريض.
وما لم نضرب علي يد منتهك القانون بيد من حديد فلن يتوقف هذا الانفلات مهما كثرت التصريحات أو استعراضات القوة.