محسن سالم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محسن سالم

منتدى دينى سياسى عسكرى رياضى قصصى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 من عاشر المُستحيلات بقلم أنور الهواري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 5126
تاريخ التسجيل : 03/09/2012

من عاشر المُستحيلات بقلم أنور الهواري Empty
مُساهمةموضوع: من عاشر المُستحيلات بقلم أنور الهواري   من عاشر المُستحيلات بقلم أنور الهواري Emptyالجمعة أغسطس 29, 2014 12:15 am

لا مُستقبل لهذه الجمهورية الجديدة- إن كانت حقاً جديدة- دون ديمقراطية مُكتملة الأركان. ولا ديمقراطية حقيقية- إن كُنّا جادّين- دون أحزاب قوية مُتنافسة. ولا أحزاب قوية- إن كُنّا قد تعلّمنا شيئاً من أخطائنا السابقة- دون فراق كامل وقطيعة تامّة مع عقائد الرجل الواحد، والرّمز الواحد، والمُنقذ الواحد، ومعها كافّة عقائد الوثنية السياسية العتيدة.
ليس عيباً أن تكون عندنا ديمقراطية متعثرة، إنّما العيبُ أن نيأس منها، أو أن نزهد فيها. والعيبُ الأكبر أن نفترى عليها، وأن نلوث سمعتها، وأن نُحمّلها أوزاراً لم ترتكبها، وأن نُلقى عليها أخطاءً لا صلة لها بها. لسبب بسيط جداً، لم تكُن عندنا فى عهد من العهود- بما فى ذلك العهد الليبرالى 1923م- 1952م- تجربة ديمقراطية مكتملة، لأنها لو اكتملت- فهى ببساطة- لا يمكن أن تنهار أو تتراجع أو تزول بقرار من الحاكم كما حدث فى صيف 1952م.
كذلك، ليس عيباً أن تكون عندنا تجربة حزبية مُتعثرة الخُطى أو حتى تحاول أن تحبو على أرض الواقع، فهى لاتزالُ تجربةً وليدةً لم تكمل الرابعة من عُمرها. فمُنذ إلغاء النظام الحزبى التعددى 1953م، ونحنُ أسرى نظام الحزب الواحد، الذى انتهى بحريق الحزب الوطنى الديمقراطى فى شتاء 2011م، ولاتزالُ آثارُ النّار شاهدةً على مصيره، وعلى المصير الذى ينتظرُ نظام الحزب الواحد لو عاد من جديد.
علينا أن نبدأ من الواقع الصحيح، نحنُ نؤسس ديمقراطيةً وليدةً، فى جمهورية جديدة، والأحزابُ هى بواباتُ هذه الجمهورية، وهى الأساس الواقعى للوصول لهذه الديمقراطية. وإذا كان ذلك كذلك، فهى بدايةٌ مُغرقةُ فى الضلال السياسى أن نُدير ظهورنا للمطلب الديمقراطى، فهو ليس خياراً، بل هو جبريةٌ لا بديل عنها، إلا أن نُعيد إنتاج كوارثنا القديمة، واُمُّ الكوارث أن نُعلّق مصائرنا فى عُنق رجل نراه جديراً بذلك، ثم يتعلّق هذا الرجل بآلة الدولة القديمة. أولُها: الآلةُ العسكرية، وهذه لم تُخلق للسياسة. ثانيها: الآلةُ الأمنية، وهذه لم تُخلق لقيادة المجتمعات. ثم الآلة البيروقراطية، وهذه- عندنا- هى الرّاعى الرّسمى لأسوأ ما لدينا من فساد وانحطاط وتخلّف مُزمن.
من الأخطاء الفادحة فى السياسة أن يُطالبنا المسؤولون بأن نكون على قلب رجُل واحد، هذا كلامٌ مجالُه الدينُ وميدانُه العبادة. أمّا السياسةُ فهى شأنُ الوطن الواحد فقط، وحول هذا الوطن الواحد، نلتفُّ حوله، كُلٌ بقلبه الخاص، وعاطفته المُفردة، وعقله المستقل، ورأيه الذى يقتنعُ به، ومنهجه الذى يراه الأصوب، وحزبه الذى يؤمنُ بأنّه الأقدر، وزعيمه الذى يرى أنّه الأكفأ. فى حُب الوطن، كُلُّ الناس سواء. أما فى ترجمة هذا الحب إلى عمل، فالمواطنون عقولٌ شتّى، ومصالحُ شتّى، واجتهاداتٌ شتّى، وكُلُّها صحيحة، وكلُّها وطنية، بقدر ما فيها من علم، وبقدر ما لها من حُجّة، وبقدر ما تنطوى عليه من تحقيق للمصالح العامّة.
رُبّما كان مفهوماً- وإن كان غير رشيد- أن تُلغى ثورةُ الثالث والعشرين من يوليو 1952 م تعدُّد الأحزاب، وأن تؤسس نظام الحزب الواحد، من هيئة التحرير، إلى الاتحاد القومى، إلى الاتحاد الاشتراكى، إلى حزب مصر العربى الاشتراكى، إلى الحزب الوطنى الديمقراطى، رحلةُ فشل تاريخية ممتدة من 1953م إلى 2011م، وكانت ثمرتُها ثلاث زعامات فردية استبدادية، انتهى الأولُ بالهزيمة أمام عدوّه فى يونيو 1967م، وانتهى الثانى بالاغتيال بين جُنده فى أكتوبر 1981م، وانتهى الثالثُ بالتنحى تحت ثورة شعبية هاجت لها السماءُ ومادت من تحتها الأرض فى فبراير 2011م.
ولكن ليس مفهوماً، فى حالة ثورة الثلاثين من يونيو 2013 م، أن تميل إلى الصمت عن المشروع الديمقراطى، سُكوتٌ مُريبٌ لا يليقُ بثورة عظيمة قامت على حُكم دينى لا يؤمنُ بالديمقراطية من جذورها. وليس مفهوماً ألا تكون لهذه الثورة رؤية لتأسيس مساق حزبى تنافسى رشيد، الأحزاب مرافق عمل تطوعى عام ليس من العيب أن يكون للدولة دورٌ فى تقويتها. الأحزابُ تتنافسُ على الحُكم، من أجل الارتقاء بالدولة، وليست فى خصومة مع الدولة، ولا منافسة ضدها. على الدولة- أولًا- أن تستقل وترشد وتنفصل عن الارتهان لمفهوم الرجل الواحد والقائد الواحد، هذا مفهومٌ سقط، ومن عاشر المُستحيلات أن يعود. على الدولة أن تعلم أنها قدرٌ تاريخىٌ أزلىٌ يسمو ويعبر فوق الحقب وفوق الرجال وفوق الأحزاب. على الدولة أن تعلم أن مستقبلها- على المدى الطويل- فى انفتاحها على كل أبنائها، على كل رجالها، على كل أحزابها، فى انفتاحها على كل موارد الفكر والرأى.
الديمقراطية لا تنضج بين يوم وليلة، الأحزاب لا تكبر بين عشية وضحاها، لكن الاستبداد نبتٌ شيطانىٌ يؤتى أُكُله- مثل نشرات الأخبار- على رأس كل ساعة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohsensalim.mountada.net
 
من عاشر المُستحيلات بقلم أنور الهواري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مُجرّد تسخين لقراءة مُذكرات الجنزورى بقلم أنور الهواري
» نحنُ والأمريكان: نهايةُ الأساطيربقلم أنور الهواري
» كلنا سماح أنور!
» ضبش حرامى بقلم حمدى رزق
» التعليم بقلم نيوتن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
محسن سالم :: الفئة الأولى :: منتدى مقالات كبار الكتاب(دينيه عسكريه رياضيه)-
انتقل الى: