وفقا للدستور الجديد الذى تم إقراره مؤخرًا بأغلبية ساحقة «نحو %98»، فإن المصريين سيحظون برئيس جمهورية خلال ستين يومًا من الآن على الأكثر، وإذا كنا قد قلنا «نعم» فى الاستفتاء، فإن ذلك يعنى أننا نبحث عن الأمان والاستقرار بعد فترات من التوتر والقلق ووقف الحال، وأظن أن الشرط الأول لتحقيق هذا الأمان وذلك الاستقرار يتمثل فى تحقيق مصالحة وطنية اجتماعية شاملة، تسمح لجميع أبناء الوطن بالإسهام فى البناء والمشاركة فى التعمير.
لذا أظن أن أول قرار يجب أن يتخذه رئيس الجمهورية المقبل، بغض النظر عمّن يكون، هو الإفراج الفورى عن جميع السجناء السياسيين الذين لم يثبت تلوث أياديهم بدماء المصريين، أو هددونا وروعونا أو صرخوا فى الفضائيات «سنحرق مصر»، هؤلاء بطبيعة الحال سينالون العقاب الذى يتفق مع جرائمهم، أما الذين خرجوا فى مظاهرات سلمية، خاصة النشطاء من الشباب، فأرى أن يصدر بحقهم عفو رئاسى حتى لو كانت الأحكام القضائية قد طالت بعضهم.
أرجو ألا تنسى أن جميع المصريين احتشدوا بالملايين ضد نظام مبارك واستبداده، وقد رفعوا شعارات لم تتحق حتى الآن، ثم خرجوا بالملايين مرة أخرى ضد مرسى وإخوانه، حين شعروا أن هويتهم مهددة، ومستقبلهم مرهون بيد تنظيم دولى لا يؤمن بوطن ولا يعترف بشعب! من هنا ينبغى على الرئيس الجديد لمصر أن يقدر المزاج العام للمصريين، وكيف أنهم تكاتفوا جميعا فى إسقاط نظامين.. الأول مستبد وظالم، والثانى فاشى ومتخلف. الأول نهب الناس وقهرهم وعذبهم، والثانى نهب الناس وخدعهم بالمتاجرة فى الدين!
من هنا.. من تكاتف المصريين دومًا، والذى تجلى مؤخرًا فى الاستفتاء أرجو أن ينصت الرئيس الجديد إلى صوت الشعب ويراعى المزاج العام له، لأنه سيكتشف بسهولة أن هناك غيمة من حزن شفيف تخيم على كثير من الناس، خاصة الشباب، لأن زملاءهم الذين ثاروا برفقتهم ضد مبارك ومرسى قد حوكموا وأودعوا السجون، برغم أنهم لم يهددوا بحرق البلد، ولم يقتلوا أحدًا، فى حين أن الذين هددوا وقتلوا مازالوا ينتظرون أحكام القضاء، ومن يدرى فقد يخطفون البراءة كما خطفها أشقاء لهم فى الإجرام من قبل!
سيادة الرئيس المقبل.. اعمل فورًا على لم شمل المصريين، وإغلاق نوافذ السخط والنقمة والإحباط، وأفرج عن الشباب، حتى نبنى بلدنا بحب، وحتى تهنأ أنت بفترة رئاسية هادئة ومترعة بالإنجازات العظيمة!
الرئيسية 
