أذكر تلك النكتة اللطيفة. سمعتها من الفنان حمادة سلطان منذ زمن بعيد. تقول: «أثناء الهجوم على مصر من الخارج، بعد ١٩٦٧ وقبل ١٩٧٣، كان المصريون يعثرون على مفرقعات مخادعة، تأخذ أشكالا مختلفة. قلم. علبة حلوى. راديو. وذات مرة عثر أحدهم على راديو ترانزستور، بدأ تشغيله، جاءه صوت المذيع: هنا الآخرة. بوم». أكيد أن النكتة لا تروى بالفصحى. كانت مضحكة ومؤلمة. أرّخت لمرحلة فى تاريخ مصر. كان المصريون يعتقدون أن تلك القنابل المتنكرة من فعل إسرائيل.
■ القنابل لا تتنكر الآن. تنتشر فى الشوارع. يعثر المصريون على عبوات ناسفة كل يوم. تتحرك فرق مكافحة المتفجرات فى عديد من المدن والأحياء. المصريون أصبحوا يشكون فى أى جسم غريب. القمامة فى الشوارع يمكن أن تكون ساترا مزعجا لعبوات متفجرة فى كل مكان. لا تتنكر العبوات. لم تعد فى حاجه لأن تخدع أى مصرى. هى الآن مكشوفة الوجه. معلنة. يعرف المصريون أن الإسرائيليين ليسوا هم الذين يزرعونها فى شوارعهم. بل مواطنوهم من المنتمين للإخوان.
■ يزيد عنف الإخوان كل يوم. تزيد هذه العبوات كل يوم. أقرأ عنها أربع أو خمس مرات. إما تم إبطال مفعول عبوة أو انفجرت فى مكان ما. يبدو كما لو أن هناك سباقا فى إنتاج العنف. خصوصا مع العبوات البدائية المنتشرة فى أماكن كثيرة. عبوات قد تحرق باص. تدمر حديقة. تصيب طفلا. تنفجر فى قسم. الحظ أن الأقسام تُستهدف يوميا. يتعامل الإخوان مع الجيش والشرطة باعتبارهم خصما. بل عدو كامل. تنشر الصفحات على الميديا الاجتماعية كثيرا من تهديدات الإخوان. تنشر تهليلا وفرحا حين يصاب أو يقتل عدد من المصريين. أقصد صفحات منتمية للإخوان.
■ استهداف الجيش والشرطة مرفوض. له تفسير. لكن لماذا يستهدف الإخوان المرافق العامة. المواصلات. ركاباً عاديين فى أتوبيس؟ استوقفنى هذا المشهد منذ أيام. هل المصريون لابد أن يعاقبوا لأنهم أنجبوا ضباطا. هل يعاقبون لأنهم يقبلون تجنيد أبنائهم. هل يعاقبون لأنهم لا يقفون إلى جوار الإخوان؟ قرأت أخبارا كثيرة عن انشقاق بعض أعضاء الحرية والعدالة. يسجلون هذا الموقف فى محاضر رسمية بقسم الشرطة. أى أن مصريين يتركون الإخوان. يقولون للمصريين عدنا مصريين. محضر التسجيل كما لو أنه شهادة ميلاد سياسية.
■ تزيد مساحة العداء بين المصريين والإخوان. يتباعدون. هذا ليس طيبا لهم فى المستقبل. كلما زادت مسافة الابتعاد تصاعدت صعوبة العودة. المصريون بقوا بعد أن ضربتهم القنابل الإسرائيلية المتنكرة. إذن سوف يبقون بعد عبوات الإخوان الناسفة. لماذا لا يعيد الإخوان التفكير. يوفرون مهاراتهم فى تفجير العبوات من أجل بلدهم. يدبرون فكرة من أجل إنقاذ جماعتهم. هذه هى القاهرة.. لا الآخرة!!
الرئيسية 
