شهدت الفترة بين يونيو 2012 ويونيو 2013 وما بعدها بزوغ أسماء عديدة على الساحة السياسية فى مصر، لرموز وأقطاب جماعة الإخوان المسلمين «المحظورة»، مهما تغيرت الوجوه، ومهما تبدلت الأدوار، لكن يظل منبع الأفكار والهدف واحداً، تارة تخرج إلينا قيادات بحاجبين معقودين، وصوت أجش، يتحدثون بنبرات التهديد والوعيد، وتارة أخرى يظهر آخرون بابتسامة عريضة، ونبرة هادئة يتحدثون عن التهدئة والسلام المجتمعى والمصالحة وصيانة الدماء. ما بين «صقور» و«حمائم» أصبحت جماعة الإخوان، بقياداتها فى الداخل والخارج، ممن لم يمثلوا خلف القضبان إلى الآن، «صقوراً» تتحرك من خارج الحدود، تستعدى الخارج ضد الدولة المصرية، و«حمائم» برسائل متناقضة عن الوطن والوحدة والديمقراطية، تبث رسائلها فى الداخل، تتواصل مع قواعد الجماعة، تثير، تشحن، تحرض، كما تتواصل مع أطراف لإحداث وساطة تحقق تهدئة تكون فرصة لما تبقى من الجماعة للم شتاتها. فى هذا الملف، تطرح «المصرى اليوم» رؤية أكثر عمقاً حول رموز الجماعة فى الداخل والخارج، تكشف قصص صعود «الصقور والحمائم»، تحاول فك شفرة كل منها وطبيعة دوره، توضح أذرع الجماعة الإعلامية والتنظيمية فى الخارج، وخريطة الولاءات بداخلها، وتوزيع الأدوار فى ضوء لوائح التنظيم.
محمد علي بشر«صندوق بريد الجماعة»
محمد علي بشر
ناقل رسائل «الصقور»
محمد على بشر، أحد قيادات الجماعة الذين لمعت أسماؤهم بعد توليها مقاليد الحكم فى مصر، وازداد لمعانا مع محاولات التفاوض بين الدولة والإخوان، بعد ثورة 30 يونيو. صوته الهامس، وتصريحه نقله أحد المقربين منه قائلا: «نقلت مع نجل خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، طلبا بتوسيع صلاحياتى»، يكشف عن أنه لا يعدو سوى ناقل للرسائل، وواجهة تفاوضية، يوزع الابتسامات محتفظا فقط بدور الوسيط، إبراء لذمته أمام مرشده وجماعته وليس لإنهاء أزمة.
عراب التسويات
«ممثل الإخوان الرسمى فى المفاوضات»، هكذا تعاملت معه كافة الأطراف الداخلية والخارجية التى شاركت فى محاولات التفاوض مع الجماعة حول السبل الممكنة لإنهاء الأزمة، بداية من اتصال اللواء محمد العصار، مساعد وزير الدفاع، لإنهاء الأزمة السياسية والوساطة الغربية لعدد من المسؤولين، أبرزهم نائب وزير الخارجية الأمريكى، ويليام بيرنز، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية، كاثرين أشتون، والعديد من سفراء الخارج، فيما تمثلت أبرز الشخصيات العامة المصرية التى حاولت التوسط معه الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، والمفكر الإسلامى أحمد كمال أبوالمجد، وذلك لحل الإشكال تحت رعاية وسمع وبصر السلطات الرسمية التى تجد فيه ورقة رابحة ووجها مقبولا للتفاوض معه.
رجل الأقدار
قال عنه أحمد كمال أبو المجد، بعد تحول موقف «بشر»، من قبول بمبادرته وإقامة هدنة مع سلطات الدولة، إلى رفض المبادرة بالكامل: «أعلم حجم الضغوط الواقعة على (بشر) من قيادات الإخوان فى السجون وأعذره»، وذلك فى تصريح لـ«أبو المجد»
كادر الجماعة المعتدل
«بشر»، 62 عاما، ويعد كادر تيار العمل العام المعتدل داخل الجماعة، وأحد القلائل الذين لم ترد أسماؤهم فى قضايا، ولم يقدم بحقهم أى بلاغات للنائب العام، التحق بالجماعة منذ أكثر من ثلاثين عاما، ويعمل أستاذا للهندسة الكهربائية فى أعرق الجامعات فى الخارج، أحيل المحاكمات العسكرية فى قضية النقابيين عام 1999، وفى عام 2009 تمت إحالته بواسطة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، إلى محاكمة عسكرية مع 40 قياديا إخوانيا.
«مفاوض بلا نفوذ»
يقف «بشر» حائراً فى مفاوضات مع الدولة لا يمتلك فيها أى نفوذ يجعله قادراً على التوصل لصيغة تفك أسر أى من مرشده وولى أمره «بديع » المودع بسجن طرة، وصديق الغربة الرئيس المعزول «محمد مرسى »، المودع بسجن برج العرب، والذى رافقه فى نفس الجامعة بولاية «كلورادو» الأمريكية، وكذلك رفقاء الشُعب والأسر والمخيمات، ويبقى أمله فى تعليمات خارجية تحقق له المراد وتعطيه قوة المفاوض
محمود عزت «المرشد الاستبن»
محمود عزت القيادي بجماعة الإخوان المسلمين
الصبار القطبى
«لا مفر من تطبيق الحدود، لكن بعد امتلاك الأرض».. ذلك التصريح الذى نطق به محمود عزت، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، والذى أجمعت المصادر واللائحة التنظيمية للجماعة على خلافته للمرشد العام، محمد بديع، المقبوض عليه لاتهامه بالتحريض على القتل- يكشف ذلك التصريح آلية تفكير «الرجل الحديدى»، الذى يعد أبرز تلاميذ سيد قطب، صاحب أطروحات التكفير والعزلة الشعورية
مرشد المادة (5)
تنص المادة (5) من لائحة الجماعة على أنه فى حال حدوث موانع قهرية تحول دون مباشرة المرشد مهامه يحل محله نائبه الأول، ثم الأقدم فالأقدم من النواب، ثم الأكبر فالأكبر من أعضاء مكتب الإرشاد، الأمر الذى يجعل من «عزت» النائب الثانى بعد «الشاطر»- المتواجد خلف القضبان- مرشداً رسمياً.
تحالف «عزت ــ الشاطر»
نجح تحالف نائبى المرشد «عزت والشاطر» فى السيطرة على مقاليد الجماعة، وباتت مفاصل التنظيم تحت السيطرة الكاملة للمحافظين المنتمين لأفكار سيد قطب، والعلاقة بين الرجلين تمتد إلى جذور قديمة ترجع إلى تواجدهما فى اليمن معاً، ثم انتقالهما إلى بريطانيا، وذلك فى النصف الأول من عقد الثمانينيات، الذى تميز بسعى الجماعة لمد أواصر إخوان مصر مع إخوان الخارج، وصناعة شبكة من النفوذ الخارجى.
«رأس حربة الجماعة»
«عزت»، المتواجد خارج مصر حالياً- ويتردد أنه فى قطاع غزة داخل الأراضى الفلسطينية، على حد تصريح صحفى لوزير الداخلية السابق، أحمد جمال الدين، فى حماية حركة «حماس»- يعتبر العقل التنفيذى لكل الصفقات والترتيبات والبيانات وتلفيق الأمور وإعادة ترسيم مراكز القوى والتوازنات داخل الجماعة بين القيادات الإخوانية فى الخارج والداخل، وذلك دون ظهور إعلامى، وهو المحرك الرئيسى لجميع آليات دعم الجماعة من خلف الكواليس.
«ثعلب التمكين»
«عزت»، الذى يبلغ من العمر ٦٩ عاماً، منتظم فى صفوف الإخوان حين كان عمره 18 عاماً، أثناء فترة دراسته فى كلية الطب، ويعمل أستاذاً بكلية الطب جامعة الزقازيق، وحكم عليه بالسجن مرات عديدة أبرزها فى قضية «سلسبيل» نسبة لشركة السلسبيل التى أسسها خيرت الشاطر وحسن مالك، بتهمة إعداد خطة التمكين، كما حكم عليه عام 1995 بخمس سنوات لمشاركته فى انتخابات الجماعة المحظورة قانوناً، وأعيد اعتقاله فى ٢٠٠٨ لدعمه قضية غزة فى فلسطين.
إبراهيم منير «المفوض السامى» فى «الإخوان»
محاورة إبراهيم منير
كسينجر الجماعة
«لدينا اتصالات مع الإدارة الأمريكية والكونجرس وعدد من أعضاء مجلس اللوردات البريطانى، ونتواصل مع عدد من الرؤساء منهم (أردوغان) لدعم إخوان مصر فى محنتهم».. تصريح سابق لـ«إبراهيم منير»، أمين عام التنظيم الدولى للإخوان، نُشر فى «المصرى اليوم»، يكشف عن شبكة العلاقات النافذة التى نسجها ذلك الرجل طيلة الفترة الماضية، محاولاً توظيفها وتسويقها سياسياً فى الخارج للضغط على القاهرة.
تدويل القضية.. الورقة الأخيرة
تتمركز استراتيجيته فى تقديم عدد من الآليات لدعم إخوان مصر فى محنتهم، وتمثلت فى توكيل محامين بريطانيين كبار وباهظى الكُلفة لتمثيل الجماعة فى ملاحقة الحكومة المصرية المؤقتة قضائياً، وتدويل أزمة إخوان مصر، بينهم «مايكل مانسفيلد»، الذى استعان بخدماته محمد الفايد، فى قضية التحقيق فى مقتل الأميرة ديانا ونجله دودى، وكان وكيل عائلات الضحايا الذين قُتلوا فى «الأحد الدامى» فى أيرلندا الشمالية عام 1972.
مراكز منير.. ستار الجماعة الخفى
يعتمد «منير»، على شبكة من المراكز والمؤسسات الإخوانية فى أوروبا، أهمها المركز الإعلامى فى لندن، والمركز الإسلامى فى ميونيخ، الذى شهد المراحل الأخيرة لإعلان التنظيم الدولى الرسمى للجماعة عام 1982، ومنتدى الوحدة الإسلامية بلندن، الذى يعتبر «منير»، أحد مؤسسيه، وعدد من الجمعيات الإسلامية التى تتخذ من الجمعيات والمراكز الإسلامية غطاءً مزيفاً للأنشطة الترويجية للجماعة.
الجارديان.. سلاح منير الناعم
تتولى هذه المراكز إصدار بيانات التنظيم التى تحرض الغرب على مصر، وحجز مساحات خاصة فى كبريات الصحف الغربية بمبالغ طائلة لنشر مواد إعلانية محرضة ضد السلطات الحالية وداعمة لموقف إخوان مصر كما حدث فى «الجارديان» البريطانية، المملوك معظم أسهمها لأمراء قطريين، فى حين رفضت «الفايننشيال تايمز»، هذه المواد الإعلانية لعدم استيفائها شروط المهنية الإعلانية.
محمود حسين «حفّار القطبيين»
«المصري اليوم» تحاور الدكتور محمود حسين
أمين سر المرشد
«سأسير على نهج الدكتور محمود عزت، ولن يتغير شىء فى الأمر».. كان ذلك أول تصريح للدكتور محمود حسين، أمين الجماعة، بعد توليه ذلك المنصب خلفا لمحمود عزت، مما يكشف شدة الولاء للتيار القطبى، الذى جمع بين ميول نحو التشدد والسرية، ما يحيل «حسين» لأن يكون اليد اليمنى لقيادات الجماعة داخل السجن، وللمرشد السرى محمود عزت.
مسؤول التنسيق بين الإخوان وحماس
القدر وحده كان كفيلا بأن يسوق «حسين» للتوجه إلى السعودية لأداء العمرة خارج البلاد قبل أيام من مظاهرات 30 يونيو، وينتقل منها إلى قطر- حسب مصادر مؤكدة- لتسند إليه مهمة التواصل مع قيادات «حماس» الفلسطينية، أبرزهم عزت الرشق، الرجل الثانى بعد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى للحركة، والشيخ يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وكذلك التنسيق مع قيادات التحالف الوطنى لدعم الشرعية المتواجد معظمهم فى قطر.
ماكينة إفشال المبادرات
يعتبر «حسين» منصة إعلامية لإفساد كل المبادرات من كوادر الصف الثانى من الجماعة للمصالحة، حيث أصدر خلال الفترة الماضية بيانين عبر قناة «الجزيرة»، ينفى فيهما أى صلة للجماعة باعتذار القيادى الإخوانى صلاح سلطان عن أخطاء الماضى، وعن التنصل من مبادرة حمزة زوبع، للمصالحة الوطنية، ويصف لقاء المنشقين عن الجماعة بمؤسسة الرئاسة «بالادعاءات المشبوهة».
مادة 33.. «باسورد حسين»
تتيح المادة 33 من اللائحة الداخلية للجماعة والتى تنص على أن الأمانة العامة تشكل من جهاز تنفيذى يرأسه الأمين العام على أن يقيم فى البلد الذى يقيم فيه المرشد، ويجوز أن تمارس اللجنة عملها من خارج البلاد برئاسته إذا دعت الضرورة لذلك وهو ما يتيح له إدارة شؤون الجماعة من مقر إقامته فى الخارج.
«لندن» بديل المقطم
العقار 113A مقر شركة دعاية تدار منها رسائل الإخوان للخارج فى لندن
مقر الإرشاد الجديد
فى شارع (cricklewood broadway)، بمنطقة ولسدن جريين، بشمال لندن، يقع عقار رقم 113A تحت اسم شركة دعائية يقال إنها مملوكة لـ«إبراهيم منير»، الأمين العام للتنظيم الدولى للإخوان، تحت عنوان «world media services» فى عمق العاصمة البريطانية، حيث يعد المقر الجديد للجماعة ومركز العمليات بديلاً عن «المقطم». أصبح هذا المكتب الصحفى للإخوان بلندن، أحد الأذرع القوية الذى يتولى التنسيق بين فروع الجماعة فى مصر والولايات المتحدة وأوروبا، ونشر البيانات الصحفية، وتنظيم الاحتجاجات، وإعداد استراتيجيات جديدة، جنباً إلى أنه كان المحطة الرئيسية لإطلاق موقع جماعة الإخوان باللغة الإنجليزية عام 2005، ليكون واجهتها أمام الغرب والمسؤول الأول عن الإعلام الخارجى لجماعة الإخوان.
بوابة الجماعة المفتوحة
تعتبر لندن «الباب المفتوح» لقيادات الإخوان، من جميع الدول منذ الثمانينيات والتسعينيات للهروب من الأنظمة الباطشة لهم فى العالم العربى، والذين يجدون فيها مناخاً اقتصادياً جيداً لاستثمار أموالهم فى عدد من المجالات تحت مظلة الحكومة البريطانية.
التسعينيات.. بداية المد الإخوانى
يعود نشاط الجماعة الدعائى فى العاصمة البريطانية إلى عقد التسعينيات، حين فتحت مركزاً إعلامياً عالمياً، هدفه إيصال رسالة التنظيم إلى وسائل الإعلام فى أنحاء العالم، ويقيم داخل العاصمة البريطانية عدد من القيادات الإخوانية أبرزهم إبراهيم منير، الأمين العام للتنظيم الدولى للإخوان، لفترة تصل إلى 24 عاماً، وكذللك نائب المرشد العام للإخوان، جمعة أمين، بعد منحه اللجوء بعد زيارة لندن للعلاج.